اختلفت المذاهب والمناهج في تبرير الحلم وتفسيره وطبيعته ومصدره اختلافاً بيناً. كل حسب طريقته ومعلوماته وتقييمه الشخصي. وقد اتسع الخلاف بين كل هذه المذاهب المختلفة وتضاربت الآراء والمذاهب ولم يشبع هذا كله نهم الإنسان في المعرفة عن الحلم ولم تبرر هذه المذاهب كل الظواهر الحلمية التي تعرض للإنسان، حتى جاء الإسلام وهبط الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم فجاءت نظرية كاملة شاملة للحلم أحاطت بكل تفاصيله وجوانبه بداية من تعريفه ومصدره وطبيعته وأنواعه وبدايته ونهايته إلى تفسيره ودوره في حياة الإنسان والتعامل معه.
فالحلم في الإسلام نظرية قائمة على العلم الكامل غير منقوصة من مصادر موثقة لا تقبل الشك أو الإنكار.
وتكاد تكون النظرية الإسلامية في الحلم هي النظرية الوحيدة التي تعني بجميع جزئيات الحلم والمفسرة لكل الظواهر الحلمية التي لا تجد لها مبررا في سواها.
فقد أحاطت بالرؤيا الصادقة وهي ما تبرر تحقق أحلام بعض الناس في المستقبل.
وفسرت ما يراه النائم من كائنات غير معلومة لم تدركها حواسه ولم تصل إليه في يوم من الأيام.
ولم تهمل حديث النفس وما يحدث المرء به نفسه وأسندتها لاحتياجات الإنسان وخبراته والمنبهات التي تحيط به.
وهكذا نرى أن النظرية الإسلامية وسعت جميع المذاهب في الحلم وما أتى به الشرق والغرب وإضافته إلى ذلك كله، لذلك فالنظرية الإسلامية تعد أصدق تلك النظريات على الإطلاق لاعتمادها على مصادر إلهية وهي القرآن الكريم والسنة النبوية وهما مصدران للعلم الكامل غير المنقوص الذي لا يتأثر بالأهواء والآراء الشخصية على عكس المذاهب الشخصية الوضعية لعلماء النفس والمحللين.
والتي تعتمد في الغالب على علوم البشر الناقصة والتي تتلاعب بها الأهواء والرغبات الخاصة.
والقرآن الكريم كمصدر للنظرية الإسلامية في الحلم يعبر عن الصحة والصدق في المعلومة والتي تصدر عن خبير عالم بصنعته وخلقه. فهو الذي خلق الإنسان وجعل الحلم من نشاطات روحه، وهو الذي دل على أهمية الحلم في حياة الإنسان وصفات مفسره وغيرها من تفصيلات الحلم وأثره .. إنه الله العلي القدير.
وأكملت السنة النبوية جوانب النظرية وهي كمصدر لا تقل أهمية عن القرآن الكريم ، فالرسول صلى الله عليه وسلم (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
فإن كان اللفظ بشرى يكون المعنى من عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ وما كانت السنة في النهاية إلا شرحاً وتفصيلاً لكلام الله تعالى دونما تعارض أو اختلاف.
فشتان بين تلك النظرية في تبريرها وتقسيمها للحلم وبين ما قام به علماء النفس مع اختلاف مذاهبهم من تبريرات وتحليل للحلم.
فإننا نكاد ندرك أن كل جهود هؤلاء العلماء لا تتناول سوى جزء بسيط مما تناولته النظرية الإسلامية في هذا الشأن وأن علماء النفس ركزوا اهتمامهم البالغ وكل أبحاثهم على فرع حديث النفس في الأحلام تاركين معظم الجوانب المهمة في الحلم وهو ما يبرر عدم قدرتهم وتخبطهم في تفسير الظواهر الحلمية التي تعبر عنها جوانب أخرى للحلم.
وقد طرحنا هذا الموضوع برمته في موضوعنا عن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وعلاقتهما بالحلم.